كل من يعرف أحداً من صور يدرك مدى حب أهلها لها، ذلك الحب الذي بلغ حد التطرف حسب رأي بعضهم، وليت شعري أليس حب الوطن من الإيمان؟
تجد كل صوري يهيم في حب مدينته ويتغنى بجمالها وتاريخها التليد بمناسبة أو غير مناسبة، والحق أن المدينة متفردة فعلا، فهي تقبع وحيدة في ركنها الشرقي القصي، جامعة كل البيئات المتباينة من بحر وسهل وجبل وسيح.
رغم هبوب عدة رياح عليها يومياً إلا أن لها من الرياح الصوري، ومن الخناجر الصوري، ومن اللباس الصوري، ومن الفنون أكثرها وأجملها.
والتي شرقت وغربت واستعارها الكثيرون منها، أما لهجتها السهلة المحببة فتلك مزية أخرى تضاف لها، وفيها قلهات أول عاصمة لعمان.
وفي اسمها صور عبق فينيقي عتيق، ومن العلماء والشعراء الكثير ، وإذا أردت أن ترى الأوابد فالحصون والقلاع حاضرة في كل بقعة منها، وعلى كل رابية تشاهد برجاً أتخذ لحمايتها.
ومع كل ما سبق إلا أن تاريخ صور بحري بامتياز لاسيما في القرون القليلة المنصرمة، حيث صنعت عاليات الصواري قادها النواخذة العظام والبحارة الأشداء يقطعون البحار في كل إتجاه، ويجلبون الخير لعمان من كل مكان، ويوصلون العماني حيثما أمتدت جغرافيا امبراطوريته.
ولأنه من طبيعة الأشياء الإنزواء بعد التوسع، فقد خفتت سيرتها بعد زمن من الإنتشار، وبهت شعاعها بعد حين من الإشراق، وكلنا أمل في لفتة مستحقة تعيد إليها مكانتها التاريخية وموقعها الذي تستحق في مقدمة الحواضر العمانية، وسيبقى أهلها رغم كل شيء مغرمون بها فمن ذا الذي لا يستطيع الإنحياز إلى الجميلة -رغم كل شيء- صور العفية.
