ولاية صور والتاريخ: قلب الشرق في عُمان

ولاية صور: درة الساحل الشرقي ومهد صناعة السفن
تُعدّ ولاية صور، الواقعة على الساحل الشرقي لسلطنة عُمان، جوهرة فريدة تُجسّد التناغم بين التاريخ العريق والحاضر المزدهر. 🌊 تشتهر هذه الولاية بكونها ميناءً بحريًا نشطًا ومركزًا ثقافيًا وتجاريًا، إلا أن ما يميزها حقًا هو ارتباطها الوثيق بـصناعة السفن التقليدية، التي تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من هويتها وتراثها. 🚢
تاريخ عريق في الملاحة البحرية
تمتد جذور صور البحرية إلى قرون مضت، حيث كانت تُعرف كواحدة من أهم المراكز التجارية والملاحية في المحيط الهندي. كان أبناء صور من أمهر البحارة والملاحين، وقد وصلوا بسفنهم إلى سواحل الهند، وزنجبار، وحتى الصين. هذا التاريخ الطويل من الملاحة خلق لدى أهلها خبرة فريدة في بناء السفن وصيانتها، وهو ما جعلها رائدة في هذا المجال. تُعرف صور بإنتاجها لأنواع مختلفة من السفن الخشبية مثل الغنجة، والبغلة، والبتيل، والسنبوك، والتي كانت تُستخدم في رحلات التجارة والغوص وصيد الأسماك.
صناعة السفن: إرث يتوارثه الأجيال
تُعتبر صناعة السفن في صور أكثر من مجرد حرفة، إنها إرث ثقافي ينتقل من الأب إلى الابن، ومن جيل إلى جيل. يقوم صانعو السفن، المعروفون بـ**”الجلاليف”**، باستخدام أدوات تقليدية وتقنيات يدوية توارثوها عبر الزمن. تبدأ العملية باختيار أنواع معينة من الأخشاب مثل خشب الساج (التيك) الهندي الذي يتميز بمتانته ومقاومته للماء، ثم تُشكل القطع بدقة لتكوين هيكل السفينة. يُخاط الخشب ببعضه باستخدام المسامير وبعض المواد الطبيعية لضمان الصلابة. تستغرق صناعة السفينة الواحدة شهورًا، وربما سنوات، وتتطلب صبرًا وحرفية فائقة.
الحاضر والمستقبل
بالرغم من التطور التكنولوجي وظهور السفن الحديثة، لا تزال صناعة السفن التقليدية قائمة في صور، وتحديدًا في منطقة العيجة التي تُعتبر القلب النابض لهذه الصناعة. تُظهر هذه الورش الحية الزوار كيف تُصنع السفن بالطرق القديمة، مما يُسهم في جذب السياح والمهتمين بالتراث البحري. ⚓️ لا تزال هذه الصناعة تُشكّل مصدر فخر لأهل صور، ومصدرًا لجذب الزوار الذين يأتون ليشاهدوا بأعينهم هذه الحرفة النادرة التي تُجسّد قصة كفاح ومجد بحري. إن الجهود المبذولة للحفاظ على هذه الصناعة وضمان استمراريتها تُؤكد على أهمية التراث في تشكيل مستقبل الأمة.